السبت، 3 يونيو 2017

سرّ النَّعيم الأعظم والسابقون السابقون ..


الإمام ناصر محمد اليماني
27 - 08 - 1431 هـ
08 - 08 - 2010 مـ
ــــــــــــــــــــــ






سرّ النَّعيم الأعظم والسابقون السابقون ..

بسم الله الرحمن الرحيم وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
سلامُ الله عليكم أحبتي المُبايعين السابقين واللاحقين في عصر الحوار من قبل الظهور، أحيطكم علماً إنما البيعة هي لله الذي هو معي ومعكم أينما كُنتم ويد الله فوق أيدي المُبايعين أينما كانوا في العالمين في كُل زمانٍ ومكانٍ، وتصديقاً لقول الله تعالى: 
{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّـهَ يَدُ اللَّـهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّـهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴿10﴾} صدق الله العظيم [الفتح]. 
فأوفوا بعهد الله يوفِ بعهدكم، فيدخلكم في رحمته التي كتب على نفسه، وأصدقوا الله يصدقكم وتعاملوا مع الله مُباشرةً في أعمالكم الذي يعلم بما في أنفسكم ولا يهمكم ثناء الناس، ولا تبالوا بذمّهم لكم ما دمتم على الصراط المُستقيم، واعلموا أن لو يثني عليكم كافة الملائكة والجنّ والإنس ولم يثنِ عليكم الله فلا ولن يُغني عنكم ثناؤهم من الله شيئاً.

وإيَّاكم والرياء فإنه الشرك الخفي يدبّ كدبيب النمل، فهل يشعر أحدكم بدبيب نملةٍ لو تمرّ بجواره؟ وكذلك الشرك الخفي يقع فيه العبد دون أن يعلم أنه قد أشرك بالله. وأما كيف يعلم أنه وقع في الشرك الخفي وذلك حين يهتم بثناء الناس ومديحهم له فكم يقع فيه كثيرٌ من المؤمنين؛ بل تعاملوا مع الله في الظاهر وفي الباطن ولا تهتموا أن يحمدكم عبيد الله شيئاً كونه لا يُسمن ولا يُغني من جوعٍ ما لم يثني عليكم ربّكم الحقّ وترضى نفسه عليكم سُبحانه وتعالى عما يشركون وقال الله تعالى: 
{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿188﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].

ويا معشر الأنصار، لقد أَيّد الله الإمام المهديّ بأعظم آيةٍ في الكتاب ألا وهي حقيقة اسم الله الأعظم في قلوب أنصار الإمام المهديّ المُخلصين منهم الربّانيين الذين علموا حقيقة اسم الله الأعظم أولئك سيعلمون علم اليقين أنّ ناصر محمد اليماني هو حقاً المهديّ المنتظَر لا شكّ ولا ريب لكونهم أدركوا أنّ حُبّ الله وقربه ورضوان نفسه هو حقاً نعيمٌ أكبر من نعيم الجنّة مهما بلغت ومهما تكون أُولئك قومٌ يحبّهم الله ويحبّونه حُباً شديداً.

ألا والله الذي لا إله غيره لا يرضون بملكوت الله جميعاً في الدُنيا والآخرة حتى يتحقق رضوان الله في نفسه. وبما أنّ الله قد كتب على نفسه أن يرضي عباده الصالحين تصديقاً لوعده الحقّ في مُحكم كتابه: 
{رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} صدق الله العظيم، ولكن منهم من يقيه الله من عذابه فيدخله جنته فإذا هو فرحٌ مسرورٌ بما آتاه الله من فضله، ومنهم الذين يطمعون للشهادة في سبيل الله تجدونهم قد رضوا عن ربِّهم . تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ ربِّهم يُرْزَقُونَ ﴿1699﴾ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿170﴾ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿1711﴾}صدق الله العظيم[آل عمران].

فتجدونهم قد رضوا في أنفسهم بما آتاهم الله من فضله، ولذلك وصف الله لكم حالهم وقال تعالى: 
{فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ} صدق الله العظيم، وهذا دليل على أنهم قد رضوا في أنفسهم فأصدقهم الله وعده الحقّ {رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} صدق الله العظيم، وأولئك باعوا أنفسهم وأموالهم لربّهم مُقابل جنته التي عرَّفها لهم في مُحكم كتابه وتسلموا ثمن أموالهم وأنفسهم الجنة. تصديقاً لوعد الله بالحقّ في محكم كتابه: {إِنَّ اللَّـهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّـهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿111﴾} صدق الله العظيم [التوبة].

وأما قومٌ آخرون فلن يرضيهم الله بجنته شيئاً مهما عُظمت ومهما كانت حتى يحقق لهم النَّعيم الأعظم من جنته سُبحانه، أولئك هم من أشدِّ العبيد حُباً لله، فأحبّهم الله بقدر حُبهّم لهُ، أولئك تنزهت عبادتهم لربّهم عن الطمع في النَّعيم المادي، ولذلك لم تجدوا أنّ الله عرض جنته مقابل الطلب، أولئك هم القوم الذي وعد الله بهم في محكم كتابه إن ارتدّ المؤمنون عن دينهم. وقال الله تعالى:
 {يَا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿54﴾} صدق الله العظيم [المائدة].

وبما أنّ الله كتب على نفسه رضوان عبيده الصالحين تصديقاً لوعده الحقّ في محكم كتابه: 
{رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} صدق الله العظيم، فالسؤال الذي يطرح نفسه: فهل يا تُرى  سيرضون بجنات النَّعيم والحور العين وحبيبهم الرحمن ليس راضياً في نفسه بسبب ظُلم عباده لأنفسهم وقد علموا أنّ الله هو أشدُّ حسرةً على عبيده الذين ظلموا أنفسهم وأعظم من حسرة الأم على ولدها؟ أولئك تأتي الملائكة فتُبشرهم بجنة ربِّهم الذي وعدهم بها ويريدون أن يسوقونهم إليها فإذا الملائكة ترى العجب في وجوههم قد علاها الحُزن العميق الصامت، فيقول لهم الملائكة: "بل لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون"، فيقولون: "ألا والله لو لم يحقق الله لنا النَّعيم الأعظم فإن حُزننا على النَّعيم الأعظم لهو أعظم من حُزن الذين ظلموا أنفسهم"، فلم يدرك الملائكة قولهم وما يقصدون فلعلهم يقصدون نعيم الجنة! ومن ثم يكرر لهم الملائكة البشرى فيقولون: {أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} صدق الله العظيم [فصلت:30].

ولكن لا فائدة من بُشرى الملائكة لهم بالفوز بنعيم جنّة ربِّهم، مما أدهش ملائكة الرحمن المُقربين، وقالوا: "فما خطب هؤلاء القوم وما سبب حُزنهم فما بالهم لم يفرحوا بجنات النَّعيم كما فرح بها كثيرٌ من المؤمنين؟ وما هو النَّعيم الأعظم الذي يرجون من ربِّهم هو أعظم من جنات النعيم؟". مما أدخل الملائكة في حيرة من أمرهم فلا هم من الذين يُساقون إلى النار وأبوا أن يُساقوا إلى الجنة! ومن ثم تمّ حشرهم إلى الرحمن وفداً من بين المُتقين، تصديقاً لقول الله تعالى: 
{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَـٰنِ وَفْدًا ﴿85﴾} صدق الله العظيم [مريم].

يتقدمهم إمامهم حتى وقِّفوا بين يدي الرحمن، وتأجل أمرهم إلى حين، واستمر الحساب بين الأمم وكُلّ نفس تُجادل عن نفسها. تصديقاً لقول الله تعالى: 
{يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿111﴾} صدق الله العظيم [النحل].

وأما هؤلاء الوفد فكانوا صامتين بين يدي ربِّهم. ومن ثم يبحث المُشركون عن شُفعائهم الذين كانوا يعظِّمونهم في الدُنيا، ويتركوا الله حصرياً لهم من دونهم، ويقولون إنهم شُفعاؤهم عند ربِّهم. كما ينتظر المُسلمون شفاعة محمدٍ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم. وكما ينتظر النصارى شفاعة رسول الله المسيح عيسى ابن مريم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم. ومن ثمّ يتم إحضار جميع الأنبياء والمُرسلين وأولياء الله المُقربون الذين كان يبالغ فيهم أتباعهم بغير الحقّ، ومن ثم حين يرونهم يعرفون أتباعهم الذين يبالغون فيهم بغير الحقّ:
 {وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَـٰؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِن دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿86﴾} صدق الله العظيم [النحل].

ومن ثم يقول لهم الله فادعوهم يستجيبوا لكم فيشفعوا لكم عند ربكم إن كنتم صادقين؟ وقال الله تعالى: 
{وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ ﴿64﴾} صدق الله العظيم [القصص].

ومن ثم يوجه الله السؤال إلى أوليائه الذين عظَّمهم أتباعهم بغير الحقّ، وقال الله تعالى:
 {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ﴿17﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ﴿18﴾} صدق الله العظيم [الفرقان].

فأنكر أولياء الله أنهم أمروهم بتعظيمهم بغير الحقّ. وقال الله تعالى:
 {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ ﴿28﴾ فَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ ﴿29﴾} صدق الله العظيم [يونس].

وأما طوائف أخرى فألقوا باللوم على الأمم من قبلهم كونهم اتَّبَعُوهم الاتِّبَاع الأعمى وهم كانوا على ضلالٍ مُبين. وقال الله تعالى: 
{قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَـٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ﴿63﴾} صدق الله العظيم [القصص].

فأما المقصود بقولهم:
 {رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا} ويقصدون أمَّةً قبلهم وهم آباؤهم الذين وجدوهم يعبدون عباد الله الصالحين زلفاً إلى الله، فاتّبعوهم بالاتّباع الأعمى، ولذلك رفع القضية على آبائهم الأمّة التي كانوا قبلهم وقالوا: {رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا} أي هؤلاء هم الذين كانوا السبب في إغوائنا عن الحقّ، ومن ثم القول بالجواب بالاعتراف وقالوا:{أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا} أي أغويناهم كما غوينا فبالغنا في عبادك المُكرمين بغير الحقّ حتى دعوناهم من دونك، ومن ثم ألقى الجواب عبادُ لله المُكرمون وقالوا: {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} صدق الله العظيم.

وأما طائفة أخرى فكانوا يعبدون الملائكة وهم ليس بملائكة بل من شياطين الجنّ وكانوا يقولون لهم أنهم ملائكة الرحمن المُقربون، فيأمرونهم بالسجود لهم قربةً إلى ربِّهم، ومن ثم يوجّه الله بالسؤال إلى ملائكته المُقربين ويقول: 
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَـٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ ﴿40﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الجنّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ ﴿41﴾} صدق الله العظيم [سبأ].

وقال الله لهم فدعوهم هل يستجيبون لكم فيشفعوا لكم عند ربكم فَدَعَوهم ولم يستجيبوا لهم، ورأوا العذاب وتقطَّعت بهم الأسباب، وقال الله تعالى: 
{وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ ﴿64﴾} صدق الله العظيم [القصص].

فإذا بعبدٍ من عبيد الله يصرخُ شاكياً إلى ربِّهم ظُلم هؤلاء القوم الذين أشركوا بربهم أنهم ظلموه، ومن ثم يزيدهم هماً بغمٍ، وإنما ذلك حتى يستيئسوا من شفاعة العبيد بين يدي الربّ المعبود، فينيبوا إلى ربِّهم بعد أن استيئسوا من رحمة عبيده. تصديقاً لقول الله تعالى: 
{هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّـهِ مَوْلَاهُمُ الحقّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿30﴾}صدق الله العظيم [يونس].

ومن ثمّ يتمّ عرض الرحمن على إمام القليل من الآخرين حتى يرضي عبده ومن كان على شاكلته، فتمّ عرض عليه الدرجة العالية الرفيعة في الجنة فيأبى ومن ثمّ يزيده الله ويقول حتى ولو جعلتك خليفة ربك على ملكوت كُلّ شيء فيأبى، ثم يزيده الله بأمره كُن فيكون فيؤيده بقدرته المُطلقة بإذنه فيقول للشيء كُن فيكون فيأبى، ومن ثمّ تعمّ الدهشة جميع عباد لله الصالحين حتى ملائكة الرحمن المُقربين ويقولون: "إذاً فما هو هذا النَّعيم الأعظم مما عرض الله عليه، فيا للعجب الشديد!"، وأما الصالحون من الناس فظنوا في ذلك العبد ظناً بغير الحقّ، وقالوا في أنفسهم: "فأيّ نعيمٍ هو أعظم مما عَرَضَ عليه ربه بل كأنّ هذا العبد يريد أن يكون هو الربّ فما خطبه وماذا دهاه يرفض أن يكون خليفة الله على ملكوت الجنة التي عرضها السموات والأرض، بل خليفة الله على ملكوت الله جميعاً، فأي نعيمٍ هو أعظم من ذلك الملكوت كُله، فكيف يسخر الله لهُ الوجود كُله فيأبى؟".

فتظهر الدهشة الشديدة على وجوههم من ذلك العبد حتى شاهد زمرته الدهشة قد ازدادت على وجوه الصالحين وعمت الدهشة جميع الملائكة المُقربين، فإذا زُمرة ذلك العبد يتبسمون ضاحكين من دهشة عبيد الله الصالحين والمُقربين كونهم يعلمون بحقيقة اسم الله الأعظم، هو أن يكون الله راضياً في نفسه. وكيف يكون الله راضياً في نفسه حتى يُدخل عباده في رحمته، فهم كذلك لديهم ما لدى إمامهم من الإصرار على تحقيق النَّعيم الأعظم من جنة النعيم. وإنما يخاطب ذلك العبد ربه باسمه واسمهم جميعاً كون هدفهم واحد لا ثاني له ولا ندّ له، ولا يقبلون المُساومة فيه شيء. وذلك العبد هو الوحيد الذي أذن الله له أن يُخاطبه في عباده كونه لن يشفع لهم عند ربِّهم فيزيدهم ضلالاً إلى ضلالهم؛ بل أذن الله لهُ أن يخاطب ربّه لكون الله يعلم أن عبده سيقول صواباً بينما جميع المُتقين لا يملكون من الرحمن خطاباً. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴿31﴾ حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا ﴿322﴾ وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا ﴿33﴾ وَكَأْسًا دِهَاقًا ﴿34﴾ لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا ﴿35﴾ جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ﴿36﴾ رَّبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَـٰنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا ﴿377﴾ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَابًا ﴿38﴾} صدق الله العظيم [النبأ].

وذلك هو العبد الذي أذن له أن يخاطب ربّه في سرّ الشفاعة كونهُ لن يسأل من الله الشفاعة، ولا ينبغي له بل لله الشفاعة جميعاً، فليس العبد أرحم من الله أرحم الراحمين، وإنما يحاج ربه في تحقيق النَّعيم الأعظم من جنته ولن يتحقق ذلك حتى يرضى في نفسه سُبحانه. وذلك العبد الذي أذن له الرحمن وقال صواباً هو العبد الوحيد الذي عَلِمَ بحقيقةِ اسم الله الأعظم، ومن ثم عَلَّمَ الناس به ومن ثم عَلِمَ بحقيقةِ اسم الله الأعظم من اتَّبَعَهُ من أنصاره قلباً وقالباً. وبما أنه سوف يخاطب ربه بحقيقة الاسم الأعظم لأنّ فيه سرّ الشفاعة ولذلك أذن له الله أن يُخاطب ربه وقال الله تعالى: 
{وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الحقّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴿23﴾} صدق الله العظيم [سبأ].

وقال أصحاب القلوب التي تَظُنّ أن يُفعَلَ بها فاقرة بعد أن سمعوا عفواً عنهم فذهب الفزع عن قلوبهم قالوا لزُمرةِ ذلك العبد: 
{مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} ومن ثمّ ردُّوا عليهم زُمرة ذلك العبد:{قَالُوا الحقّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} صدق الله العظيم، وهُنا أدرك عبيد الله جميعاً حقيقة اسم الله الأعظم، وأدركوا سرّه المكنون في الكتاب، ومنَّ الله به على قليلٍ من عبيدٍ يَحشُرَهم الله على منابرٍ من نور يغبطهم الأنبياء والشهداء على ذلك المقام لهم بين يدي ربِّهم، أولئك هم الوفد المُكرمون الذي يتم حشرهم إلى الرحمن وفداً. تصديقاً لقول الله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَـٰنِ وَفْدًا ﴿85﴾} صدق الله العظيم [مريم].

وذلك هو الوفد المُكرم على رؤوس الخلائق، ولكل درجات مما علموا، أولئك هم القوم الذي يغطبهم الأنبياء والشهداء، وهم ليسوا بأنبياء ولا يطمعون أن يكونوا من الشهداء، كون هدفهم أسمى من أن يستشهدوا في سبيل الله؛ بل يريدون أن تستمر حياتهم حتى يتحقق هدي البشر.
أولئك هم القوم أحباب الرحمن الذي وعد الله بهم في محكم كتابه في قول الله تعالى: 
{يَا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿54﴾} صدق الله العظيم [المائدة].

أولئك هم القوم الذي يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجلسهم من ربِّهم، تصديقاً للحديث الحقّ عن محمد رسول الله -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- عن طريق الرواة الحقّ، وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 [ ‏إن من عباد الله عبادا يغبطهم الأنبياء  والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله‏. قيل‏:‏ من هم يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب، وجوههم نور على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس]. صدق محمد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.

وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 [ إن للمتحابين في الله تعالى عمودا من ياقوتة  حمراء في رأس العمود سبعون ألف غرفة، يضيء حسنهم لأهل الجنة كما تضيء الشمس أهل الدنيا، يقول بعضهم لبعض‏:‏ انطلقوا بنا حتى ننظر إلى المتحابين في الله، فإذا أشرفوا عليها أضاء حسنهم أهل الجنة كما تضيء الشمس لأهل الدنيا].

أولئك هم القوم الذين وعد الله بهم في محكم كتابه: 
{يَا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} صدق الله العظيم [المائدة:54].

فهل ترونه ذكر جنةً أو ناراً؟ وذلك لأن عبادتهم لربهم هي أسمى العبادات في الكتاب، فَقَدَّرُوا ربِّهم حقّ قدره فلم يعبدوا الله خوفاً من ناره ولا طمعاً في جنته بل 
{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}. وبما أنهم أَحَبُّوا الله حُبّاً شديداً أعظم من كل شيءٍ في الوجود كُله فكيف سيرضون بأي شيء في الوجود ما لم يكن ربِّهم حبيبهم قد رضي في نفسه؟ ألا والله الذي لا إله غيره ولا معبود سواه لو أنّ الله يخاطب أحد أنصار الإمام المهديّ ويقول له: يا عبد النَّعيم الأعظم لن يتحقق رضوان ربك في نفسه حتى تفتدي عبيده فتلقي بنفسك في نار جهنم! لقال: [ ألا بعزتك وجلالك ربي ما كُنت ألقي بنفسي في نار جهنم فداء لولدي فلذة كبدي ولكنك أحبّ إلى نفسي من نفسي ومن ولدي ومن كافة الأنبياء والمُرسلين ومن الحور الطين والحور العين، فإذا لن يتحقق نعيمي الأعظم من جنتك حتى ألقي بنفسي في نار جهنم فإني أُشهدك ربي وأُشهدُ كُل عبد خلقته لعبادتك في السماوات والأرض وكفى بالله شهيداً أني لن أمشي إلى نار جهنم مشياً؛ بل سوف أنطلق إليها مُسرعاً ما دام في ذلك تحقيق نعيمي الأعظم فتكون أنت ربي راضياً في نفسك لا مُتحسراً ولا غضباناً. وذلك لأني أحببتك ربي ومتعتي وكُل أمنيتي وكل نعيمي هو أن يكون حبيبي ربي قد رضي في نفسه ولم يعد حزيناً ولا مُتحسراً ولا غضباناً، ولذلك لن يكون عبدك راضياً في نفسه أبداً حتى تكون أنت ربي راضياً في نفسك لا مُتحسراً ولا حزيناً ولا غضبان، وذلك لأني أعبدُ نعيم رضوانك ربي، فإذا لم تُحقق لعبدك ذلك فلمَ خلقتني يا إلهي؟ فإذا لم تحقق لعبدك النَّعيم الأعظم فقد ظلمت عبدك يا إلهي ولكنك قلت ربي وقولك الحق: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} صدق الله العظيم [الكهف:49] .

وذلك لأنّ عبدك لا يستطيع ولا يريد أن يستطيع أن يقتنع بجنة النَّعيم والحور العين فأفٍ لجنة النَّعيم إذا لم يتحقق لعبدك النَّعيم الأعظم منها فلا حاجة لي بها شيئاً يا أرحم الراحمين. فكيف يكون على ضلالٍ من اتّخَذَ رضوان الله هو النَّعيم الأعظم من ملكوت الدُنيا والآخرة. وأَعلمُ أن في ذلك الحكمة من خلق عبدك وكافة عبيدك ولن أقبل بغير ذلك بديلاً واتَّخذتُ ذلك إليك ربي سبيلاً]. انتهى.

ويا قوم، أقسمُ بالله العظيم من يخلق العظام وهي رميم أنّني ما أخبرتكم عن ذلك العبد الذي لو يُخاطبه الله أن يلقي بنفسه في نار جهنم فداءً حتى يتحقق النَّعيم الأعظم لنطق ذلك العبد بما قاله الإمام المهديّ، وذلك لأني علمت من الله من قبل أنه من الذين سوف يستخلصهم الله لنفسه، فمنهم ذلك الرجل أول من دفع الزكاة إلى المهديّ المنتظَر في كافة البشر. ومن ثم قال عنه محمد رسول الله:
 [ ربح البيعة].
 فصلوا عليه وسلموا تسليماً. فلا تحرجوني من يكون ذلك العبد من الأنصار وحتماً ستعرفونه من بعد الفتح المُبين وآل بيته المُكرمين؛ بل هو من آل بيت محمد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بل هو من ذرية الإمام الحُسين بن علي بن أبي طالب فإنه ليعلمُ أن الإمام المهديّ نطق بما سوف ينطق به لسانه.

ولربّما شياطين البشر يقولون: "ماله المهديّ المنتظَر يثني هذا الثناء على ذلك الرجل هل لأنّه أوّل من دفع إليه الزكاة المفروضة في الكتاب؟". ومن ثم يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: والله أنه سوف يعلمُ إنك لمن الكاذبين وأن ما ثناء ناصر محمد اليماني عليه نظراً لأنه أوّل من قام بدفع فريضة الزكاة إلى المهديّ المنتظر، بل ثنائي عليه بإذن الله بالحقّ فما يدريني بحقيقة عبادته لربّه الحقّ في نفسه ما لم يفتيني بعبادته الذي يعلمُ خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

فأيّ خسارةٍ يا قوم خسرها الذين أعرضوا عن اتّباع الإمام المهديّ المنتظَر عبد النَّعيم الأعظم ناصر محمد اليماني؟ فأيّ خسارةٍ خسرها المُعرضون من أمته ممن أظهرهم الله على أمرنا في عصر الحوار من قبل الظهور؟ فأعرضوا عن تقديم البيعة والولاء والسمع والطاعة وشدّ الأزر لهذا الأمر الجلل العظيم وإظهاره للبشر؟ فأي خسارة خسروها؟ فما أعظم ندمهم فما أعظم ندمهم فما أعظم ندمهم!

ويا قوم إنما أعظكم بواحدةٍ، فلكون هذا الكلام نبأٌ عظيمٌ، فإمّا أنَّ ناصر محمد اليماني ينطق بالحقّ ويهدي إلى صراطٍ مُستقيم، وأمّا أنَّ ناصر محمد اليماني مجنونٌ. فإذا كان مجنوناً فهذا يعني أنه قد فقد عقله، ولذلك لن يستطيع أن يقيم الحُجّة عليكم بل الحجّة ستكون لأولي الألباب. فإذا كان هو وأولياؤه من أولي الألباب فحتماً سيغلبكم ناصر محمد اليماني هو ومن اتَّبعه بآيات محكمات بيّناتٍ هُنَّ أُمّ الكتاب في القرآن العظيم.

وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني عبد النَّعيم الأعظم.
________________



الرابط للموقع الرسمي بالأسفل
هنـــا



البرهان اليقين على حقيقة النَّعيم الأعظم من نعيم جنَّات النَّعيم ..

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة أنبياء الله وأئمة الكتاب وجميع المؤمنين بالله ربّ العالمين لا يشركون به شيئاً في كل زمانٍ ومكانٍ حتى يُلاقوا ربَّهم بقلوبٍ سليمةٍ وهم آمنون..

ويا أيّها الباحث عن البيّنة، لسوف نزيدك والعالمين عن آيات حقيقة النَّعيم الأعظم في قلوب قومٍ يحبّهم الله ويحبّونه، وسوف أُلقي بهذا السؤال من الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني إلى عبيد النَّعيم الأعظم من أنصار المهديّ المنتظَر في عصر الحوار من قبل الظهور والنَّصر والتّمكين في العالمين وأقول لكم: يا معشر عبيد النَّعيم الأعظم، فماذا أنتم فاعلون لو أفتاكم الله يوم يقوم الناس لربّ العالمين وكلّمكم تكليماً من وراء الحجاب وقال لكم: "يا معشر الوفد المكرمين، إنّ رضوان الله على عباده لن يتحقّق أبداً، وأمّا سبب حزن ربّكم في نفسه على الضالّين من عباده هو بسبب أنّه أرحم الراحمين وهم من رحمته يائسون". فماذا سوف يكون ردّكم يا معشر الوفد المكرمين عبيد النَّعيم الأعظم؟
ونكرر السؤال للمرة الثانية ونقول: فلو أنّ الله يخاطبكم يوم يقوم النّاس لربّ العالمين فيقول لكم: "إنّ رضوان نفس ربّكم لن يتحقّق على عباده الضالين ولن يذهب الحزنُ من نفس ربّكم بسبب أنّ ربّكم هو أرحم الراحمين، وسبب استمرارهم في العذاب هو بسبب يأسهم من رحمة الله أرحم الراحمين"، فماذا سوف يكون ردّكم يا معشر الوفد المكرمين من قومٍ يحبّهم الله ويحبّونه؟

ونكرر السؤال للمرة الثالثة: فماذا سوف يكون ردّكم لو علمتم أنّ رضوان نفس الله على عباده الضالّين لن يتحقّق أبداً خالداً مخلداً إلى ما لا نهاية؟ وربّما يودّ كافةُ عبيد النَّعيم الأعظم من أنصار المهديّ المنتظَر في عصر الحوار من قبل الظهور أن يرفع كلٌّ منهم اصبعه السّبّابة يطلب الإذن بالردّ على هذا الجواب. ومن ثمّ يقاطعهم المهديّ المنتظَر ناصر محمد وأقول لهم جميعاً: لا داعي أن تردّوا على الجواب فنحن نعلم ما هو جوابكم، حقيقٌ لا ننطق عن حقيقة النَّعيم الأعظم في قلوب عبيد النَّعيم الأعظم إلا بالحقِّ ذلك مما ألهمني وعلمني ربّي.

وأمّا جوابكم الواحد الموحّد فسوف تقولون:

"يا رب، ما دمت لن تحقّق لنا النَّعيم الأعظم رضوانَ نفسك وذهابَ حزنك فإنّ لعبيد النَّعيم الأعظم منك طلبٌ بلسانٍ واحدٍ موحّدٍ مجتمعين على قولٍ واحدٍ، فنحن لا نستطيع أن نرضى بنعيم جنّات النَّعيم وربنا متحسِّرٌ وحزينٌ على عباده الضالّين النّادمين على ما فرَّطوا في جنب ربّهم بعد أن ذاقوا وبال أمرهم، ونسألك اللهم بحقِّ عظيم نعيم رضوان نفسك على عبادك أن لا تجعلنا نرضى بنعيم جنّات النَّعيم خالدين مخلدين إلى ما لا نهاية ما دمت متحسِّراً وحزيناً، وحتى ولو لم يتحقق لنا نعيم رضوان نفسك على عبادك فلنا منك ربنا هذا الطلبُ؛ هو أن نبقى على الأعراف بين الجنّة والنار نبكي بدمعٍ منهمرٍ بشكلٍ مستمرٍ خالدين ما دام ربّنا أحبّ شيءٍ إلى أنفسنا متحسِّراً وحزيناً على عباده الضالّين، فما الفائدة من نعيم جنّات النَّعيم وربّنا متحسِّر وحزينٌ؟ فنحن نرضى أن يكون هكذا حالنا خالدين بين الجنّة والنّار ما دمت متحسِّراً وحزيناً، ولن نرضى بجنّات النَّعيم ما دمت متحسِّراً وحزيناً وأنت على ذلك من الشاهدين وكفى بالله شهيداً".
__________________

انتهى جواب عبيد النَّعيم الأعظم إلى ربّهم في هذا الحوار الافتراضي.

وبما أنّني أعلم علم اليقين أنّني الإمام المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني أقسم بمن رفع السّبع الشداد وثبّت الأرض بالأوتاد وأهلك ثمودَ وعاداً وأغرق الفراعنة الشداد أنّ في هذه الأمّة قوماً يحبّهم الله ويحبّونه سيجدون هذا الجواب حاضراً في قلوبهم وأنّهم حقاً سوف يكون هذا ردّهم لا شكّ ولا ريب.

ونأتي إلى الحقيقة الثانية، فلو أنّ الله يردُّ عليهم فيقول: "يا معشر العبيد الوفد المكرمين، ما دام هكذا بلا حدودٍ إصرارُكم على تحقيق رضوان نفس ربّكم وذهاب حزنه على الضالّين المعذَّبين من عبادي فلتقْذفوا بأنفسكم في نار جهنّم جميعاً إلى ما شاء ربّكم، فمن ثمّ أخرجكم منها وإيّاهم فأُدخلكم في رحمتي التي وسعت كل شيءٍ". فماذا تظنّونهم سوف يفعلون يا معشر المسلمين؟ وأقسم بالله العظيم ربّ السماء والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم لو يكون ذلك شرطاً لتحقيق نعيم رضوان نفس الربّ لرأيتم الوفد المكرمين قوماً يحبّهم الله ويحبّونه ذكوراً وإناثاً ينطلقون نحو أبواب جهنّم بأقصى سرعاتهم، وكلٌّ منهم يريد أن يسبق الوفد أجمعين إلى نار جهنم ليلقي بنفسه فيكون الأوّل في قعر نار جهنّم لو كان في ذلك الثمن أنْ يتحقق رضوان نفس الله على عباده الضالّين! والوفدُ المكرمون على ذلك من الشاهدين أنّ الإمام المهديّ ينطق بما يعلمونه حاضراً الآن في قلوبهم وهم على ذلك من الشاهدين.

وكذلك نفتي بالحقيقة الثالثة ونؤكد ذلك بالقسم بالله الواحد القهّار من يبعث من في القبور ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وإليه النشور أنّهم لن يرضوا بملكوت الله أجمعين في جنّات النَّعيم من أدناها إلى الدرجة العاليّة الرفيعة  التي تسمى بالوسيلة في جنة النَّعيم أقرب درجةٍ إلى ذي العرش العظيم وحتى لو جعل الله كلّاً منهم هو العبد الأقرب إلى عرش الربّ والعبد الأحبّ إلى نفس الربّ وأيَّد كلّاً منهم بأمر الكاف والنون فيقول للشيءٍ كن فيكون فإنّه لن يرضى أيّ من عبيد النَّعيم الأعظم بذلك كلّه حتى يتحقّق رضوان نفس أحبّ شيءٍ إلى قلوبهم الله أرحم الراحمين لا متحسِّراً ولا حزيناً، وهم على ذلك من الشاهدين لكونهم موجودون في هذه الأمّة.
وعلى كلٍّ منهم ممن أظهرهم الله على بياني هذا أن يُلقي بشهادة الحقِّ عنده من الله، ويُزكِّي الشهادة على هذه الحقيقة في قلبه بالقسم بالله العظيم من يحيي العظام وهي رميم ربّ السماوات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم أنّ ما نطق به الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني في بيانه هذا عن الحقائق في قلوب قومٍ يحبّهم الله ويحبّونه أنّه قد وجده حاضراً في قلبه لا شكّ ولا ريب، فتذكروا قول الله تعالى:
{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [البقرة:283].

المُعَلِِّم بحقيقة النَّعيم الأعظم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
__________________



ملاحظة إلى أحبتي في الله الباحثين عن الحقّ جميعاً :

سوف تجدون الشهادات تترى عجب العجاب! ومن ثمّ تتفكروا في هذه الحقيقة التي اجتمع عليها هؤلاء القوم من ذكرٍ وأنثى وهم لا يعرفون بعضهم بعضاً بل جماعات في بقاعٍ شتى في الأرض من مختلف دول البشر، فكيف أنّهم اجتمعوا على الحبِّ الأشدِّ والأعظم لله! ولذلك اتّخذوا عند الرحمن عهداً أن لا يرضوا حتى يرضى. إذاً يا إخواني، فهنا تتفكرون في أنفسكم كيف وُجِدَتْ هذه الحقيقة في قلوب هؤلاء، فلا بدّ أنّ وراء ذلك سرٌّ عظيمٌ؟ ومن ثمّ يساعدكم الإمام المهديّ على معرفة هذا السرِّ العظيم؛ بل أعظم سرٍّ في الكتاب على الإطلاق حقيقة اسم الله الأعظم؛ بل هو أكبر آيةٍ في الوجود لحقيقة وجود الربّ سبحانه، وتلك حقيقة رضوان نفس الله على عباده.

وربّما يودّ أحدُّ أحبتي علماء المسلمين المكرمين أنْ يقول: "مهلاً مهلاً يا ناصر محمد، فكلنا نحبُّ الله، ومن ذا الذي لا يحبّ الله من المسلمين؟". فمن ثمّ يرد ُّعليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: اللهم نعم فكلُّ مسلمٍ يحبّ الله، 
ولكن فهل نُلتُم محبة الله؟ فوالله لا تشعرون بما يشعر به عبيد النَّعيم الأعظم حتى تكونوا من قومٍ يحبّهم الله ويحبّونه، وهم الذين تفكّروا في حال ربّهم في بيانات الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ، وتفكروا كيف لو أنّ أحدهم يرى  أمّه أو أبيه أو ابنه أو أخيه يصطرخ في نار جهنّم؛ فكيف سوف يكون حاله؟ وربّما تودُّ إحدى الأمهات أن تقول: "يا ناصر محمد، والله لن أهنأ بجنّة ربّي وأنا أرى ولدي يتعذّب في نار الجحيم، فيا حسرتي على ولدي لو يكون من أصحاب الجحيم". فمن ثمّ يردّ عليها الإمام المهديّ وأقول لها: إنّما أنتِ من عبيد الله أرحم الراحمين، فإذا كان هذا حالك فتفكّري كيف حال من هو أرحم من الأمّ بولدها؟ اللهَ أرحمَ الراحمين.

وربّما يودُّ كافةُ علماء المسلمين أن ينطقوا بلسانٍ واحدٍ فيقولون: "مهلاً مهلاً يا ناصر محمد اليماني، فإنّ الله ليس بحزينٍ على الكافرين المعرضين عن دعوة رسل ربّهم". فمن ثمّ يردُّ عليهم الإمام المهديّ ناصر اليماني وأقول: ألا تعلمون أنّ الرسل المكرمين يتحسّرون على الكفار المعرضين المكذِّبين بدعوتهم؟ وعلى رأس المتحسِّرين خاتم الأنبياء والمرسلين محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولذلك خاطب الله نبيَّه، وقال تعالى: 
{فَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات} صدق الله العظيم [فاطر:8].

وإنّما الحسرة عليهم هي الأسف والحزن على الكفار المعرضين، ولذلك خاطب الله نبيَّه، وقال الله تعالى: 
{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} صدق الله العظيم [الكهف:6].

ومن ثمّ يردّ علينا علماء الأمّة بالإقرار بحسرة محمدٍ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- على الكافرين، ومن ثم يقيم الإمام المهديّ عليهم الحجّة ونقول: يا أحبتي في الله، إذا كان هذا حال محمدٍ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- متحسِّراً وحزيناً على الكافرين المعرضين برغم أنهم لا يزالون مصرين على كفرهم وعنادهم ولذلك نهى الله نبيَّه أن يتحسّر عليهم وهم لا يزالون مُصرّين على كفرهم وعنادهم، ولكنَّ ربّ العالمين تجدونه في الكتاب متحسِّراً على عباده الذين أصبحوا نادمين على ما فرَّطوا في جنب ربّهم، فحين جاءتهم الحسرة في أنفسهم على ما فرطوا في جنب ربّهم. تصديقاً لقول الله تعالى: 
{أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيم[الزمر].

فمن ثم تأتي الحسرةُ في نفس الله على عباده النادمين على ما فرّطوا في جنب ربّهم من بعد أن أهلكهم الله وهم عن دعوة الحقِّ معرضون، وقال الله تعالى: 
{إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32)} صدق الله العظيم [يس].

فهذا هو حال اللهِ أرحم الراحمين، فما خطبكم تسألون عن أحوال بعضكم بعضٍ ولا تتفكّرون كيف حالُ حبيبَكم الله أرحم الراحمين؟ وما أرحمه من إلهٍ وحده لا شريك له.
ويا معشر الصالحين، فهل ترون أنّكم سوف تهنأون بالحور العين وجنّات النعيم وربّكم متحسِّر وحزينٌ؟ فإن كنتم ترون أنّكم سوف تكونون سعداء بجنّات النّعيم وربّكم متحسِّر وحزينٌ فهذا شأنكم، ولكن أقسم بالله العظيم البرّ الرحيم لو قدَّر الله بعث الإمام المهديّ في عصر الأنبياء وبيَّن لكافة الأنبياء والمرسلين حقيقة اسم الله الأعظم لما دعا نبيٌّ على قومه، ولاستمروا في دعوتهم حتى يجعلوا الناس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ لكون الأنبياء والمرسلين يحبّون الله كما يحبّ اللهَ قومٌ يحبّهم الله ويحبّونه، ولكنَّ الله مَنَّ على هذه الأّمّة أنْ قدر بعثَ الإمام المهديّ فيهم ليُعْلِمهم بالحقيقة العظمى في الكتاب ولذلك خلقهم ليتّخذوا رضوان الله غايةً فلا يرضوا حتى يرضى. وأمّا الذين يتّخذون رضوان الله وسيلةً ليدخلهم جنّته فلهم ذلك، إنّ الله لا يخلف الميعاد.

ولكنّني الإمام المهديّ ناصر محمد أقول: يا عجبي الشديد الشديد؛ تهنأ قلوبُ العبيد بالحور العين وجنّات النعيم وأحبّ شيءٍ إلى أنفسهم الربِّ المعبود متحسِّر وحزين! هيهات هيهات وربّ الأرض والسماوات لن يرضى الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني حتى يرضى أحبُّ شيءٍ إلى نفسي في الوجود الله أرحم الراحمين، فلهُ أعبدُ وله أسجدُ والحمد لله ربّ العالمين.

وننتظر الشهادات، وتدبّروها، فسوف تأتينا من معشر قومٍ يحبّهم ويحبّونه من مختلف دول العالمين، فكونوا على شهاداتهم من الشاهدين، وبلّغوا بعضكم بعضاً يا معشر الأنصار بهذا البيان ذي الأهمية الكبرى ليحضروا فيلقوا بشهاداتهم بالحقّ.

وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
أخوكم الذليل على المؤمنين العزيز على شياطين البشر؛ المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني.
_________________


رابط الموقع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق