الخميس، 29 يونيو 2017

حقيقة قوم يحبّهم الله ويحبّونه لمن أراد أن يكون منهم فيفوز بالفوز الأعظم في الكتاب ..

 -1-
13 - 04 - 1434 هـ
23 - 02 - 2013 مـ
03:48 صــــباحاً
ـــــــــــــــــــــــ



فتوى الإمام المهديّ إلى الشيخ أحمد عمرو في حقيقة قوم يحبّهم الله ويحبّونه لمن أراد أن يكون منهم فيفوز بالفوز الأعظم في الكتاب ..

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة الأنبياء وآلهم من أوّلهم إلى خاتمهم محمد رسول الله، يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وعلى الأنبياء من قبله وسلّموا تسليماً، وصلّى الله وملائكته والمهديّ المنتظَر على قومٍ يحبّهم الله ويحبّونه صفوة البشريّة وخير البريّة المذنبون التائبون إلى الله متاباً، ولم يستيئِسوا من رحمة الله وعلموا أنّ الله هو أرحم الراحمين مهما كانت ذنوبهم من قبل، فلم يستيئِسوا ويطمعوا أن يكونوا من عباد الله المقربين المكرمين. وصلاة ربّي على جميع المسلمين الأرحم بهم من عبده ووعده الحقّ وهو أرحم الراحمين، أمّا بعد..

ويا فضيلة الشيخ المكرم والمحترم أحمد عمرو، اسمع لما سوف أُفتي به بالحقّ مُزَكِّيه بالقسم بالله العظيم من يحيي العظام وهي رميم ربّ السماوات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم بأنّه يوجد في هذه الأمّة قومٌ لا يرضون بملكوت الله أجمعين حتى يرضى كون رضوان نفس ربّهم هو النّعيم الأعظم بالنسبة إليهم، وهل تدري كيف يرونه النّعيم الأعظم؟ والجواب إنّه بسبب أنّ ربّهم أحبّ إليهم من كلّ شيءٍ ولذلك قالوا وكيف تهنأ لنا جنّات النّعيم والحور العين وربّنا حبيب قلوبنا متحسّرٌ وحزينٌ! هيهات هيهات أن نرضى حتى يرضى سبحانه وتعالى.

ثم يزيدك الإمام المهديّ علماً في شأن قومٍ يحبّهم الله ويحبّونه ومُزكيه بالقسم بربّ السماوات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم، لو يؤتي الله أحدهم الدرجة العاليّة الرفيعة في جنّات النّعيم لاتّخذها وسيلةً إلى ربّه وقال: "يا رب قد أنفقتها إلى من تشاء من عبادك طمعاً في تحقيق النّعيم الأعظم منها فترضى". وليس ذلك فحسب، وأقسم بالله الرحمن الرحيم قسمَ المهديّ المنتظَر وليس قسمَ كافرٍ ولا فاجرٍ لو يجعل الله أحدهم أحبّ عبدٍ إلى نفسه وأقربَ عبدٍ إلى ذات عرشه في أعلى درجةٍ في نعيم الملكوت فإنّه لن يرضى حتى يكون الله حبيبه راضياً في نفسه لا متحسراً ولا حزيناً. وليس ذلك فحسب يا دكتور؛ بل لو يخاطبهم ربّهم فيقول لهم: أنّ ما تتمنّوه لن يتحقق أبداً، فكيف أرضى في نفسي وكثيرٌ من عبادي ضلّوا عن الصراط المستقيم وظلموا أنفسهم وقليل من عبادي الشكور؟ فعليكم أن تستيئِسوا أن يتحقّق رضوان نفس الرحمن. فهل تدري ماذا سوف يكون جوابهم؟ فسوف يقولون: يا رب، نُشهدك وكافة خلقك أنّنا لن نُبدِّل تبديلاً، فلن نتراجع عن أمنيتنا في تحقيق النّعيم الأعظم ثم نرضى بجنّات النّعيم، ولكن لنا منك طلب يا أرحم الراحمين وهو أن تتركنا بين الجنّة والنّار نتحسّر ونبكي خالدين مخلّدين في البكاء ما دمتَ متحسِّراً وحزيناً يا أرحم الراحمين.

فانظر يا فضيلة الدكتور أحمد عمرو ما أعظم إصرار قوم يحبّهم الله ويحبّونه على تحقيق رضوان نفس حبيبهم الرحمن الرحيم، فلن يرضوا بأي شيءٍ مهما كان ومهما يكون حتى يكون ربّهم حبيبهم راضياً في نفسه لا متحسراً ولا حزيناً، وما بدلوا تبديلاً من بعد أن علّمهم الخبير بحال الرحمن عن حال ربّهم في نفسه.

وربّما يودّ أن يقاطعني من يسمّي نفسه (خادم رسول الله) فيقول: "يا ناصر محمد، لسوف أقيم عليك الحجّة من محكم كتاب الله. وقال الله تعالى:

{وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}
 صدق الله العظيم [المائدة:116]، فكيف يا ناصر محمد تعلم ما في نفس الله؟". ومن ثم يقيم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني الحجّة على خادم رسول الله وأقول: يا رجل، والله ما علمت ما في نفس الله من علوم الغيب إلا ما علّمنا به في محكم كتابه عن حاله بأنّ في نفسه حسرةٌ على عباده الضالين الذين كذبوا برسل ربّهم فدعوا عليهم فأجابهم ربّهم، فلا تحسبَنَّ الله مخلف وعده لرسله فإن كانت إلا صيحةً واحدةً فإذا هم خامدون، ومن ثم حلت الحسرة في أنفسهم على ما فرّطوا في جنب ربّهم وقال كلٌ منهم: {يَا حَسْرَ‌تَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّ‌طتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِ‌ينَ ﴿56﴾} صدق الله العظيم [الزمر].

ومن ثم تحسّر الله عليهم حزناً وليس ندماً سبحانه! بل كما يتحسّر فضيلة الشيخ أحمد عمرو لو شاهد أحد أولاده أو إخوته أو أمّه أو أبيه يصطرخ في نار جهنّم ولا قدر الله ذلك أبداً، وإنّما أضرب مثلاً. فحتى ولو عصى الابن أمّه ألف عامٍ ومن ثم رأته يصطرخ في نار جهنّم فتخيّل عظيم حسرة الحزن في نفسها على ولدها، فما بالك بحسرة من هو أرحم من الأم بولدها الله أرحم الراحمين؟ فتخيّل حاله يا حبيبي في الله خادم رسول الله صلّى الله عليك وآل بيتك ليخرجكم من الظلمات إلى النور.

وربّما يودّ فضيلة الشيخ أحمد عمرو أن يقول: "يا ناصر محمد اليماني، لقد جادلتنا فأكثرت جدالنا في تحسّر الله في نفسه حزناً على الذين ظلموا أنفسهم من عباده الضالين وليس الشياطين المغضوب عليهم، فما هو برهانك المبين في محكم الكتاب على أنّ الله متحسر وحزين على عباده الضالين؟". ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ وأقول: 
{فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} صدق الله العظيم [يوسف:644]. فيا فضيلة الدكتور المكرم والمحترم، فهل أنت من الموقنين  بهذه الصفة في نفس الله أنه أرحم الراحمين لا شك ولا ريب؟ ومعلوم جواب أحمد عمرو فسوف يقول: "يا ناصر محمد، هذه صفة يتصف بها الله لا يختلف عليها اثنان بأنّ الله حقّاً هو أرحم الراحمين، بمعنى أنّه الأرحم من الأمّ بولدها". ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ: فهل لو عصى الأمَّ ولدُها مليار عامٍ لم يطع لها أمراً ومن ثم رأته يصطرخ في نار جهنّم فهل تراها سوف تكون متحسرةً على ولدها وقد تبيض عيناها من الحزن وهي تقول يا أسفي على ولدي؟ فإن كان جواب أحمد عمروا يقول: "نعم يا أخي بالنسبة للأمّ فمهما عصاها ولدها وحتى ولو ضربها ومن ثم اطّلعت عليه يصطرخ في نار جهنّم فلا بد أن تأخذها الحسرة فتحزن على ولدها حزناً عظيماً". ومن ثم يُقيم الإمام المهديّ الحجّة على حبيبي في الله أحمد عمرو وأقول: إذاً فما بالك بحزن من هو أرحم بعبده منها، الله أرحم الراحمين؟ أليس جواب العقل والمنطق يقول: نعم لا شك ولا ريب، فبما أنّ الله هو حقّاً أرحم الراحمين فلا بدّ أنّه متحسرٌ وحزينٌ على عباده الذين ظلموا أنفسهم وهم يحسبون أنّهم مهتدون. فهذا ما يقوله العقل والمنطق فبسبب صفة الرحمة في نفس الله فلا بدّ أنّه متحسرٌ وحزينٌ في نفسه على عباده الضالين، وهذا فقط ما يقوله العقل والمنطق. ولكن فهل قول الله في محكم كتابه جاء مصدقاً لاستنتاج العقل والمنطق؟ ومن ثمّ نترك الردّ من الله مباشرةً على السائلين: {يَا حَسْرَ‌ةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّ‌سُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿30﴾ أَلَمْ يَرَ‌وْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُ‌ونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْ‌جِعُونَ ﴿31﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُ‌ونَ ﴿32﴾} صدق الله العظيم [يس].
وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين..

وربّما يودّ فضيلة الشيخ أحمد عمرو أن يقول: "مهلاً مهلاً يا ناصر محمد، وهل الله الآن متحسرٌ على المعرضين عن دعوة الحقّ من ربّهم الأحياء في العالمين؟". ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ وأقول: هيهات هيهات؛ بل غاضبٌ عليهم، ولا ولن تأتي الحسرة في نفس الله عليهم حتى تأتي الحسرة في أنفسهم على ما فرّطوا في جنب ربّهم، ولكن للأسف لم تأتِ الحسرة في أنفسهم والندم إلا بعد أن أخذهم الله بعذاب بئيس. تصديقاً لقول الله تعالى: 
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَ‌فُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّ‌حْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ‌ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ‌ الرَّ‌حِيمُ ﴿53﴾ وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَ‌بِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُ‌ونَ ﴿54﴾ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّ‌بِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُ‌ونَ ﴿55﴾ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَ‌تَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّ‌طتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِ‌ينَ ﴿56﴾} صدق الله العظيم [الزمر].

فلا تأتي الحسرة في نفس الله عليهم من قبل أن يندموا وسبب تحسّر الله عليهم كونهم قد أصبحوا نادمين ويقول أحدهم: {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّ‌سُولِ سَبِيلًا ﴿27﴾ يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴿28﴾ لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ‌ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا ﴿29﴾} صدق الله العظيم [الفرقان].

وقال الله تعالى: 
{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ﴿66﴾ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴿67﴾ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴿68﴾} صدق الله العظيم [الأحزاب].

ولكن الحسرة في نفس الله لا تأتي وهم لا يزالون مصرّين على كفرهم وعنادهم في الحياة الدنيا غير أنّ الله يفرح بتوبة عباده فرحاً عظيماً عظيماً لكونه لا يريد لهم العذاب. ولذلك قال محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:
[[ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ ، فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ ،فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ؛ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ : اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ ]] صدق عليه الصلاة والسلام.

فانظر يا فضيلة الدكتور أحمد عمرو عظيم فرح الله بتوبة عبده حين يتوب فيُنيب إلى ربّه ليغفر ذنبه. إذاً الله يحزن لو لم يتُب عباده كونهم سوف يصْلَون ناراً فيصبحوا نادمين متحسرين على ما فرطوا في جنب ربّهم، ومن ثم تأتي الحسرة في نفس الله عليهم من بعد الانتقام نصرةً لأوليائه وتصديقاً لوعده لرسله ولأوليائه لا يخلف الله وعده. تصديقاً لقول الله تعالى: 
{يَا حَسْرَ‌ةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّ‌سُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿30﴾ أَلَمْ يَرَ‌وْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُ‌ونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْ‌جِعُونَ ﴿31﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُ‌ونَ ﴿32﴾} صدق الله العظيم [يس].

وربّما يودّ فضيلة الشيخ أحمد عمرو أن يقول: "يا ناصر محمد، إنّي أراك تقسم بالله العظيم عن حقيقة ما بأنفس قوم يحبّهم الله ويحبّونه من أنصار الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني في عصر الحوار من قبل الظهور والسؤال يا ناصر محمد! فكيف علمتَ هذه الحقيقة في أنفسهم؟". 
ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: والله الذي لا إله غيره إنّ أكثر من وصفتهم لكم بالحقّ لم أرَهم منذ أن ولدتني أمّي ولكن والله العظيم أنّهم يقرأون بيان الإمام المهديّ عن حقيقتهم ويرون وكأنّه يتكلم بألسنتهم لما يعلمونه من الحقّ في أنفسهم فهم على ذلك من الشاهدين، ولو شاءوا لألقوا بشهاداتهم بالحقّ في هذه الصفحات، فمن كان منهم فليلقي بشهادته بالحقّ مزكّيها بالقسم عمّا وصفكم به الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني لكون شهاداتهم من آيات التصديق للإمام المهديّ. فكيف أجعل ذلك في أنفسهم ما لم يهدِهم الله بالحقّ ويحبّهم ويحبّونه؟ ولذلك لن يرضوا حتى يرضى؛ فهذا وصف قوم يحبّهم الله ويحبّونه.

والسؤال الذي يطرح نفسه للعقل والمنطق، فإذا كانوا كذلك فكيف بردّة الفعل من ربّهم الأكرم منهم؟ فكيف سوف يكرمهم ربّهم كونهم متفرّقين في العالمين لا تربط بين جماعاتهم صلة رحم؛ بل جماعات هنا وهناك في مناطقٍ متفرّقةٍ في العالمين اجتمعوا على حبّ الله؟ ولا أقول كل من كان تحت اسمه من الأنصار السابقين الأخيار أنّه منهم لا شك ولا ريب؛ بل مَنْ هم قومٌ يحبّهم الله ويحبّونه في مناطق متفرّقة في العالمين لا يعرفون بعضهم بعضاً ولا تربط بينهم أرحامٌ ولا أموالٌ يتعاطونها ولا تجاراتٌ اجتمعوا عليها؛ بل اجتمعت قلوبهم على حبّ الله والجهاد في سبيل الله بالدعوة إلى تحقيق رضوان نفس ربّهم حبيبهم ولن يرضوا حتى يرضى. وسوف أترك محمداً رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يكمل لكم وصفهم بالحقّ: 
[ يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا وَاعْقِلُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادًا لَيْسُوا بِأنبياء وَلا شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ ]. فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْعَتْهُمْ لَنَا؟ جَلِّهِمْ لَنَا؟ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ الأَعْرَابِيِّ، قَالَ: [ هُمْ نَاسٌ مِنْ أَفْنَاءِ النَّاسِ، وَنَوَازِعِ الْقَبَائِلِ لَمْ تَصِلْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ مُتَقَارِبَةٌ، تَحَابُّوا فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَصَافَوْا، يَضَعُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ لِيُجْلِسَهُمْ عَلَيْهَا، فَيَجْعَلُ وُجُوهَهُمْ نُورًا وَثِيَابَهُمْ نُورًا، يَفْزَعُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يَفْزَعُونَ، وَهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ].
صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.

______________





-2-
08 - 08 - 1433 هـ
27 - 06 - 2012 مـ
04:52 am
ـــــــــــــــــــ


ردّ المهديّ المنتظَر إلى السائلين عن اسم الله الأعظم..


بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدي محمد رسول الله وآله الأطهار وجميع أنبياء الله ورسله وآلهم الأطهار وجميع المسلمين التابعين للحقّ إلى يوم الدين.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي الكريم ( أسس )، وقال الله تعالى: 
{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} صدق الله العظيم [التوبة:109].

وأرجو أن تكون من أصحاب المسجد الأول وسراجاً منيراً للأمّة، وما دمت مشهوراً من خطباء المنابر ودَخلتْ صورتُك كثيراً من بيوت المسلمين عن طريق الفضائيات فنحن نرحب بفضيلتكم للحوار في ركنٍ من أركان الإسلام ألا وهي الصلاة التي جعلها الله الصلة بين العبيد والربّ المعبود، ولسوف نفصّلها تفصيلاً بإذن الله ومن محكم الكتاب ذكرى لأولي الألباب ولكن بشرط أن تقوم بتنزيل صورتك واسمك بالحقّ، ولسوف ننظر هل حقاً دخلت الديار بصورتك عن طريق الفضائيات وشاهدناك في التلفاز كونه لا حِلّ لقسمك غير هذا إنك من الذين يظهرون في الفضائيات. فأهلاً وسهلاً ومرحباً بأخي الكريم، ونأمر الأنصار أن يحترموك ويقيمون لك وزناً ولكن كن جدياً فالأمر نبأٌ عظيمٌ وحوار في دين الله فلا تُخفِ نفسك، ومما تخاف يا رجل؟ ويا عجبي من كثير من علماء الأمّة ممن أظهرهم الله على دعوة الإمام المهديّ ناصر محمد في عصر الحوار من قبل الظهور ولم يتجرأ أحد المشايخ المشهورين أن يقوم بتنزيل صورته واسمه بالحقّ ليحاور الإمام ناصر محمد اليماني في ركن الصلاة عمود الدين.

وربما ( أسس ) يودّ أن يقول: "ولماذا لم تستكمل بيان الصلاة للأنصار يا ناصر محمد أولى من أن تبيّنها لشيخٍ مشهورٍ ولم يكن من أنصارك؟". ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد وأقول: يا رجل إنّ الإمام المهديّ لا يريد أن يزيدكم فرقةً جديدةً إلى فرقكم كوني لو أبيّنها جميعاً وآمر أنصاري بالالتزام بتطبيق بيان الصلاة بالحقّ فسوف يضطروا أن يهجروا بيوت الله مساجد المسلمين فيصلوا في بيوتهم مما سوف يضرّ الدعوة المهديّة، فيقول الناس: كان فلان يصلي الصلوات الخمس في المسجد حتى إذا اتّبع الإمام ناصر محمد اليماني فأصبح لا يصلي في بيت الله ولا فرضاً واحداً من فروض الصلوات، ومن ثم يظنّ الناس أنّ ناصر محمد اليماني يضلُّ الأمّة، ويزيد الناس من ناصر محمد نفوراً كبيراً فلا يطّلعون على بيانات الإمام المهديّ ناصر محمد ويحكمون عليه أنه على ضلالٍ مبينٍ، فيظلمون أنفسهم ويُعرِضُون عن دعوة الحقّ من ربهم، ولذلك لم نشأ أن نكمل بيان الصلوات لأحبتي الأنصار وأمرناهم أن يُصلّوا كما يُصلّي أهل السّنة والجماعة حتى ولو كانت صلاتهم فيها زيادة في الركعات فسوف تكتب لهم نافلةً عند ربهم، ويتقبل الله صلوات المسلمين حتى ولو كان فيها اختلافاً فأهم شيء أن تكون خالية من الشرك بالله فلا يدعوا مع الله أحداً. تصديقاً لقول الله تعالى: 
{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}صدق الله العظيم [الجن:18].

فالأهم أنّنا أخرجناهم من الظلمات إلى النور فلا يدعون مع الله أحداً ولا يرجون شفاعة العبيد بين يدي الربّ المعبود، وطهّرناهم من رجس الشيطان بالبيان الحقّ للقرآن تطهيراً، فأصبحت عبادتهم لربّهم عبادة بالحقّ وليست عادةً بل قدّروا الله حقّ قدره فاتخذوا رضوان الله غاية بسبب عظيم الحبّ في قلوبهم لربّهم وحبّ الله لهم، فارتقت عبادتهم لربّهم عن المادة في الدنيا والآخرة، ولا يجتمع حبُّ الله الأعظم والمادة في قلوب عبيده، وذلك أعظم فضل من الله في الكتاب آتاه قوماً يحبّهم ويحبّونه أعظم من حبّهم لملكوت ربِّهم في الدنيا والآخرة.

وأقسم بالله العظيم ربّ السماوات والأرض وما بينهم وربّ العرش العظيم أنهم لن يرضوا بملكوت الدنيا والآخرة ومثله معه ومثله معه مهما زاد ومهما كان ومهما يكون ملكاً بلا حدود فيؤتيه الله لكلّ واحدٍ من قوم يحبّهم الله ويحبّونه إنهم لن يرضوا حتى يتحقق النعيم الأعظم من ملكوت الله أجمعين رضاء نفس ربّهم أرحم الراحمين، وذلك من عظيم حبّهم لربهم تجاوز المادة في الدنيا والآخرة، وقالوا: وكيف نرضى بجنات النعيم ونستمتع بالحور العين وأحبّ شيء إلى أنفسنا متحسرٌ وحزينٌ على عباده الضالين النادمين! ولربّما يودّ الرجل الذي أرجو أن يكون قلبه أُسِس على التقوى أن يقول: "يا ناصر محمد، فهل وهل تزعم أنّ الله يتحسر على الكفار المفسدين في الأرض المعرضين عن دعوة الحقّ من ربّهم فيتحسر عليهم ربّهم في هذه الحياة؟". ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: أعوذ بالله أن أقول على الله غير الحقّ، بل غاضبٌ اللهُ على الكفارِ في هذه الحياة وكافةِ المعرضين عن اتّباع الحقّ من ربّهم، ولم أجد أنّ الله يتحسر عليهم شيئاً سبحانه! بل غاضب عليهم ويمقتهم أكبر من مقت المتقين للكافرين، ولا ينبغي أن تأتي الحسرة في نفس الله عليهم من قبل أن تأتي الحسرة في أنفسهم على ما فرطوا في جنب ربهم، وإنما تأتي الحسرة في أنفسهم من بعد أن يأتيهم عذاب ربّهم. تصديقاً لقول الله تعالى: 
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَ‌فُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّ‌حْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ‌ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ‌ الرَّ‌حِيمُ ﴿٥٣﴾ وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَ‌بِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُ‌ونَ﴿٥٤﴾ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّ‌بِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُ‌ونَ ﴿٥٥﴾ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَ‌تَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّ‌طتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِ‌ينَ ﴿٥٦﴾ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّـهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿٥٧﴾ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَ‌ى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّ‌ةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٥٨﴾ بَلَىٰ قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْ‌تَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِ‌ينَ ﴿٥٩﴾} صدق الله العظيم [الزمر].

فانظر يا (أسس) متى حدثت الحسرة في أنفسهم على ما فرّطوا في جنب ربهم، وتجد في محكم الكتاب أنه من بعد حدوث صيحة العذاب عليهم من ربهم فيقول أحدهم: وقال الله تعالى: 
{وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّ‌بِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُ‌ونَ ﴿٥٥﴾ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَ‌تَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّ‌طتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِ‌ينَ ﴿٥٦﴾} صدق الله العظيم، وأين فتوى الله في محكم كتابه أنّه متحسر على المعرضين الضالين الذين أهلكهم بسبب إعراضهم عن دعوة رسل الله؟ فهاتِ برهانك إن كنت من الصادقين. ومن ثم يترك المهديّ المنتظَر الجواب من الرب مباشرة من محكم الكتاب: {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَ‌ةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّ‌سُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَ‌وْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُ‌ونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْ‌جِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُ‌ونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].

ومن ثم يتبيّن لعبيد النعيم الأعظم أنّ ربهم متحسرٌ وحزينٌ في نفسه على عباده المعذَّبين النادمين، ومن ثم قالوا: "إذاً فماذا نبغي من جنات النعيم وأحبّ شيء إلى أنفسنا متحسرٌ وحزينٌ؟ هيهات هيهات أن نرضى حتى يرضى، وإن لم يرضَ فلماذا خلقنا الله سبحانه؟ فهل لكي نستمتع بالحور العين وجنات النعيم؟". ومن ثم وجدوا الجواب من ربهم في محكم الكتاب عن الحكمة من خلقهم أنه لم يخلقهم لكي يدخلهم جنات النعيم ولا لكي يعذبهم في نار الجحيم، وقال الله تعالى: 
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} صدق الله العظيم [الذاريات:56].

فهل ترى قوم يحبّهم الله ويحبّونه ضلّوا عن الصراط المستقيم بسبب أنّهم اتّخذوا رضوان الله النعيم الأكبر غاية وليس وسيلة لتحقيق النعيم الأصغر جنات النعيم؟ وهيهات هيهات.. وأقسم بالله العظيم أنهم علموا ومن الآن وهم لا يزالون في الحياة الدنيا أنّ رضوان الله هو النعيم الأكبر وأنّ الجنة هي النعيم الأصغر، فكيف يتخذون النعيم الأكبر وسيلة لتحقيق النعيم الأصغر! ألم يُفتِكم الله في محكم كتابه إنّ رضوان الله على عباده هو النعيم الأعظم من نعيم جنته؟ وقال الله تعالى: 
{وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}صدق الله العظيم [التوبة:72].

والسؤال الذي يوجهه الإمام المهديّ عن حقيقة اسم الله الأعظم إلى كافة المسلمين: فهل ترون أنصار الإمام المهديّ في عصر الحوار من قبل الظهور الذين اتخذوا رضوان نفس ربهم على عباده غاية في أنفسهم ثابتة في الدنيا والآخرة أنّهم ضلّوا عن الصراط المستقيم؟ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. ألا والله الذي لا إله غيره إنّ قوماً يحبّهم الله ويحبّونه حقاً وجدوا أنّ رضوان الله على عباده هو النعيم الأعظم من جنته لا شك ولا ريب، ولذلك اتخذوا رضوان الله غاية أولئك سوف يفتي المهديّ المنتظَر كافة البشر في شأن قوم يحبّهم الله ويحبّونه، وأقول: أقسم بالله العظيم ربّ السماوات والأرض وما بينهم وربّ العرش العظيم أنهم لن يرضوا بملكوت ربّهم أجمعين في الدنيا والآخرة حتى يحقق لهم النعيم الأعظم ويرضى، وهم على ذلك لمن الشاهدين شهادة الحقّ اليقين أنّ الإمام المهديّ أفتى في شأنهم بالحق وبين للناس حقيقة خفية في أنفسهم لا يعلم بها إلا الله في أنفسهم، 
وتلك آية المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّكم وهي أكبر آية في الكتاب على الإطلاق، فليس أكبر من آية النعيم الأعظم آية في الوجود كله... سبحان الله العظيم وتعالى علوَّا كبيراً.

ولن يثبت مع الإمام المهديّ في الدنيا والآخرة غير قوم يحبّهم الله ويحبّونه اجتمعوا على حبّ الله من بقاع الأرض الشتى، ألا والله الذي لا إله غيره إنّه ليغبطهم الأنبياء والشهداء لقربهم ومكانتهم من ربِّهم وهم ليسوا بأنبياء ولم يكونوا ممن يبتغون الشهادة في سبيل الله، ولذلك فليسوا من الشهداء كونهم لا يتمنون لقاء الكافرين ليقتلوهم ويسفكون دماءهم، بل اتّبعوا الأحبّ إلى نفس الله فتمنوا هداهم، ولا تجدنهم يتمنون قتال الكافرين وسفك دماءهم أو ليقتلهم الكافرون ليدخلوا الجنّة بل يتمنون هدى الأمّة كلها، وجعلوا هدف هدى الناس جميعاً هدفهم يعملون الليل والنهار على تحقيق هذا الهدف السامي والعظيم، أولئك رحمة من الله للأمّة، كم تجهلون قدرهم ولا تحيطون بسرهم. وأقسم بالله العظيم أنّ تلك حقيقة قومٍ يحبّهم الله ويحبّونه الذين وعدكم الله بهم في محكم كتابه: 
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءاَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [المائدة:54].

ولربّما يودّ أحد السائلين أن يقول: "يا ناصر محمد أفلا ترى أنّ قوماً يحبّهم الله ويحبّونه يتمنون قتال الكافرين ليسفكوا دماءهم فلا يحرصوا على هداهم، والدليل قول الله تعالى:
 {أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} صدق الله العظيم؟". ومن ثمّ يردّ الإمام المهديّ على السائلين وأقول: والله لا أعلم إلا أنّهم يتمنون لقاء شياطين الجنّ والإنس ولا يتمنون قتال الكافرين من الضالين الذين لا يعلمون، وأما جهادهم المقصود في هذه الآية إنه جهادهم بدعوة البشر إلى تحقيق النعيم الأعظم لا يخافون في الله لومة لائم، وإنما اللوم لا يكون في القتال بل يكون في الدعوة فيلومونهم الذين لا يعلمون سرّ دعوتهم الحقّ، ألا والله أن أعظم فضل من الله على عباده في الكتاب هو الفضل الذي آتاه قوماً يحبّهم ويحبّونه، فهل تجدونه ذكر في عبادتهم جنة ولا ناراً؟ بل ذكر السرّ في عبادتهم لربهم بسبب عظيم حبّهم لربهم تجاوز حبّ المادة مهما تكون فيرونها حقيرةً وصغيرةً في الدنيا والآخرة، فلن يرضوا في أنفسهم حتى يرضى حبيبهم ولذلك لم تجدوا الله ذكر في موضع ذكرهم لا جنة ولا ناراً. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءاَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [المائدة:54].

ألا والله الذي لا إله غيره إنّ ذلك أعظم فضل في الكتاب أن يجعل عبادتهم لربهم تطهرت من الماديات تطهيراً: 
{ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم، فهل ذكر جنة النعيم في موضع ذكرهم في الكتاب أنّها هي فضل الله عليهم العظيم؟ كلا وربي بل {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُذلك هو الفضل الأعظم في الكتاب، ولذلك قال الله تعالى: {ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.

ولربّما يودّ أحد السائلين أن يقول: "وما هو ذلك الفضل المقصود؟" ومن ثم نترك الجواب مباشرة من الربّ في محكم الكتاب: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} ، ولكن حبّهم لربهم عَظُمَ حتى تجاوز المادة فاتّخذوا رضوان الله غاية ولن يرضوا حتى يرضى، فكونوا على ذلك من الشاهدين.

وإن لله مائة اسم وعلّم الأنبياء للأمم منها 99 اسماً وخصّ الله الإمام المهديّ المنتظَر أن يُعرّف للبشر حقيقة اسم الله الأعظم الذي جعله الله صفة لرضوان نفسه على عباده، وفي ذلك سرّ الإمام المهديّ المنتظَر لو كنتم توقنون. ولربّما يودّ الذين يلحدون في أسماء الله أن يقاطعني فيقول: "يا ناصر محمد إنّما ذلك الاسم الأعظم الذي إنْ دُعي به الرب أجاب". ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهدي: لا فرق بين أسماء الله الحسنى سبحانه وتعالى علواً كبيراً. تصديقاً لقول الله تعالى: 
{وَلله الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ} [الأعراف:180].
وقال تعالى:
 {قُلِ ادْعُواْ الله أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} صدق الله العظيم [الإسراء:110].

فكيف تعتقدون إنّ اسم الله الأعظم أنَّ من عَلِمَهُ ثمّ يدعو الله به إلا وأجابه الربّ؟ أليست تلك العقيدة الباطل تفريقٌ بين أسماء الله يا معشر خطباء المنابر ومفتي الديار؟ بل يجيبكم الله بأيّ اسمٍ تدعونه به من أسمائه الحسنى. تصديقاً لقول الله تعالى: 
{قُلِ ادْعُواْ الله أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} صدق الله العظيم، ولكن من عظيم جهلكم أنّكم ظننتم أنّ اسم الله الأعظم هو أعظم من أسمائه الحسنى الأخرى، وإنكم لكاذبون يا من تقولون على الله ما لا تعلمون. ولسوف يفتيكم الإمام المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني لماذا يُوصف اسم الله الأعظم بالأعظم فليس أنه أعظمُ من أسماء الله الحسنى سبحانه وتعالى إلهٌ واحدٌ فلا فرق في أسماء الله الحسنى، وإنما يُوصف اسم الله الأعظم بالأعظم كون سرّه في نفسه جعله صفة لرضوان نفسه على عباده، والذين قدروا ربّهم حقّ قدره سوف يجدون رضوان الله على عباده هو النعيم الأعظم من نعيم جنته، ولذلك يوصف بالاسم الأعظم كونه صفة رضوان الله على عباده فيجدون أنه حقاً نعيمٌ أكبر من نعيم جنته حقاً كما أفتاهم في محكم كتابه أنّ رضوان الله على عباده نعيم أكبر من جنته. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} صدق الله العظيم [التوبة:72].

ولربّما يودّ أن يقاطعني أحد أولي الألباب فيقول: "إن كنت حقاً المهديّ المنتظَر لا شك ولا ريب فسوف نجد القوم الذي وعد الله بهم في محكم كتابه أنه قد بعثهم للعالمين يدعون المسلمين والناس أجمعين على بصيرةٍ من ربهم فصفهم لنا يا ناصر محمد اليماني حتى نعرفهم من بين الدعاة إلى الله". ومن ثمّ يترك الإمام المهديّ للربّ الجواب على السائلين في محكم الكتاب: 
{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} صدق الله العظيم، فلن تجدونهم يتكلمون عن الجنة ونعيمها؛ بل يدعون الناس إلى النعيم الأعظم منها أن يتخذوا رضوان الله غاية، وعلّموهم أن ذلك سوف يجدونه هو حقاً النعيم الأعظم من جنته. ولكن هذه الحقيقة لن يدركها إلا أصحاب الحبّ الأعظم في الكتاب الذين استجابوا لدعوة الإمام المهديّ إلى النعيم الأعظم من نعيم الدنيا والآخرة، ومن ثم يجدون في أنفسهم الآن وهم لا يزالون في الحياة الدنيا أنّ رضوان نفس ربّهم على عباده هو حقاً النعيم الأعظم من نعيم ملكوت الدنيا والآخرة، وإذا لم يوجد هذا الوصف لقوم يحبّهم الله ويحبّونه في هذه الأمّة فلست الإمام المهديّ المنتظَر فكونوا على ذلك من الشاهدين، وإنهم ليعلمون علم اليقين لا شك ولا ريب إنّ الإمام المهديّ المنتظَر هو حقاً الإمام ناصر محمد اليماني من قبل أن يرون وجهه على الواقع الحقيقي وإنما في الصور شاهدوه فما الذي جعلهم موقنين أنّه الإمام المهديّ المنتظَر لا شك ولا ريب؟ والجواب بالحق: إن سرّ يقينهم هو في الآية التي أيّد الله بها المهديّ المنتظَر لم ترها أعينهم ولم تسمعها آذانهم برغم أنّها أعظم آية في الكتاب على الإطلاق وأكبر آية في الكتاب على الإطلاق بل أعظم من ملكوت آيات الله الكبرى جميعاً في الدنيا والآخرة، وتلك الآية هي حقيقة اسم الله الأعظمولذلك لن يرضوا بملكوت آيات الله جميعاً في الدنيا ولا بملكوت آيات الله جميعاً في الآخرة حتى يرضى ربهم في نفسه لا متحسراً ولا حزيناً. وسبب حسرة الله في نفسه على النادمين من عباده الضالين هو بسبب صفة الرحمة في نفس الله ذلكم الله ربكم أرحم الراحمين فاعبدوه حتى يأتيكم اليقين، وسلام ٌعلى المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..

ويا (أسس)! فبرغم اسمك وكأنّه اسمُ المستهزئ إلا أنْ تقصد أنّ لك قلبٌ أُسِّسَ على التقوى فنعم الرجل، والله أعلم بما في نفسك وإلى ربك إيابك وعليه حسابك. ولربما أسس يود أن يقول: "مهلاً مهلاً يا ناصر محمد فهل تظن أن أنصارك قوم يحبّهم الله ويحبّونه أنهم يحبون الله أعظم من رسله وأنبيائه؟". ومن ثمّ يردّ الإمام المهديّ على السائلين وأقول: حاشا لله ربّ العالمين، وتالله إنهم ليحبون ربهم بالحبّ الأعظم، ألا والله العظيم لو علم الأنبياء والرسل بحسرة الله في نفسه على عباده من بعد أن يجيب دعوتهم على أقوامهم فيهلكهم إذاً لما دعا نبي على قومه قط حتى يهديهم الله، وإنما القوم الذين يحبّهم الله ويحبونه علّمهم الإمام المهديّ أنّ الله أرحم الراحمين متحسرٌ وحزينٌ على عباده الضالين النادمين من بعد صيحة العذاب أو الذين ماتوا وهم على ضلالٍ مبينٍ فصاروا من المعذبين النادمين. ومن ثم قال أنصار المهديّ المنتظَر في عصر الحوار من قبل الظهور قوم يحبّهم الله ويحبّونه قالوا: "إذاً فكيف نرضى بجنات النعيم والحور العين وحبيبنا الرحمن الرحيم متحسر وحزين في نفسه على عباده الضالين! ونعوذ بالله ربّ العالمين أن نرضى بملكوت الدنيا والآخرة حتى يكون حبيبنا الرحمن الرحيم راضياً في نفسه لا متحسراً ولا حزيناً". ومن ثمّ يردّ عليهم الإمام المهديّ المنتظَر الحقّ ناصر محمد اليماني وأقول: هيا جاهدوا بالدعوة إلى تحقيق رضوان النعيم الأعظم بكل حيلةٍ ووسيلةٍ ولا تخافوا في الله لومة لائم ولكن حسب جهدكم وفي نطاق قدرتكم ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فأنتم تريدون الله راضياً في نفسه وقد علمتم أنّ الله لا يرضى لعباده الكفر بل يرضى لهم الشكر، وحتى يتحقق رضوان الله في نفسه فلا بد أن تجاهدوا بالدعوة إلى الله على بصيرة من ربكم حتى تجعلوا الناس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيم يعبدون الله لا يشركون به شيئاً فيرضى.

اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.. فكوكب العذاب على الأبواب، فليتّبع البشر البيان الحقّ للذِّكر الذي يحاجهم به المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني خليفة الله على البشر، وإن أعرضوا وقالوا: "يا ناصر محمد إنك كذاب أشر" فسوف يعلمون ليلة مرور كوكب سقر اللواحة للبشر من عصر إلى آخر أيّنا الكذاب الأشر. ليلةٌ يسبق الليل النهار؛ ليلةُ اكتمال البدر في أحد الأشهر؛ ليلةٌ يُظهر الله المهديّ المنتظَر على كافة البشر في ليلة وهم صاغرون المعرضون عن البيان الحقّ للقرآن العظيم.

وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
خليفة الله وعبده الإمام؛ المهديّ ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــ





يا إمامي دُلّني كيف أُساعد في تحقيق السّعادة في نفس الله وأُذهب حُزن ربّي من نفسه ؟؟؟؟

-3-1
07 - 10 - 2010 مـ
06:00 صباحاً
ــــــــــــــــــ


من الإمام المهديّ إلى أحبتي الأنصار السّابقين الأخيار..

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على النبيّ الأميّ الأمين رحمةً للعالمين محمد رسول الله وعلى آله الأطهار والسابقين الأنصار في الأوّلين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين، أحبتي الأنصار السّابقين الأخيار سلامُ الله عليكم ورحمته وبركاته السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وسلامٌ على المُرسلين، والحمد ُلله ربّ العالمين..

وما يُريدُ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني أن يذكِّرَ به أنصارَه المُكرّمين هو أن لا تنسوا الهدف الذي تُناضلون من أجله، وهو أنّكم تريدون أن تُحققوا السّعادة في نفس الله وتذهبوا الحسرة من نفسه على عباده الذين ظلموا أنفسهم؛ وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون، ولكنهم لم يهونوا على ربّهم الرحمن الرحيم فقد وجدتم أنّه آسفٌ على عباده الذين ظلموا أنفسهم، والبُرهان على أسف الله عليهم تجدونه في قول الله تعالى: 
{فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمنْا مِنْهُمْ} صدق الله العظيم [الزخرف:55].

وكذلك فرحة الله كُبرى فهي على قدر حُزنه على عباده الذين ظلموا أنفسهم وكذلك فرحته بتوبة عبده كما تعلمون في فتوى محمد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلم- قال: 
[لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاةٍ فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فيئس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلّها قد يئس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثمّ قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربّك. أخطأ من شدة الفرح] صدق عليه الصلاة والسلام وآله الأطهار.

أحبتي في الله، تصوّروا مدى الحُزن على وجه ذلك الرجل الذي لو أفلتت منه راحلته وهو في صحراءٍ قاحلةٍ، ثمّ وقع ما عليها على الرمال وهربت منه، ومن ثمّ ظلّ يجري وراءها ولكن دون جدوى لم يلحقْ بها، فمسّه اللغوب والتّعب والعطش وهو يجري وراءها، ومن ثمّ استيأس منها، ومن ثمّ اضطجع تحت ظلّ شجرة ينتظر الموت إلاّ أن ينظر الله في أمره، ثمّ نام قليلاً ومن ثمّ أفاق من نومه فإذا هي قائمةٌ عنده وزمامها مُعلقٌ على مقربةٍ من وجهه، ومن ثمّ أمسك بزمامها، ومن ثمّ قال من شدة الفرح: "اللهم أنت عبدي وأنا ربّك". سُبحانه! بل أخطأ بغير قصدٍ من شدة الفرح، فتصوّروا الحُزن الذي كان على وجه ذلك الرجل ولذلك كانت الفرحة عظيمة بعد أن أمسك بزمام ناقته، ولكن الله هو أشدُّ حزناً على عبده من حُزن ذلك الرجل وهو أشدّ فرحاً بتوبة عبده من فرح ذلك الرجل.
إذاً يا قوم فبِئسَ الجنّة التي سوف تشغلنا عن تحقيق الفرح والسعادة في نفس الله.

وربّما يودّ أحد أحباب الله أن يقاطع الإمام المهديّ بعجلٍ شديدٍ فيقول: "يا إمامي دُلّني كيف أُساعد في تحقيق السّعادة في نفس الله وأُذهب حُزن ربّي من نفسه" . ومن ثمّ يفتيه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني بالحقّ وأقول: فلتجعل هُدى عبيد الله هو هدفك السّامي في هذه الحياة فلا تُبدّل تبديلاً مهما لاقيت من الأذى ومهما لاقيت من التكذيب، فادعُ إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة، واصبر على أذى عباد الله، ولا تعجل عليهم فتدعو عليهم فيجيبك الله. تصديقاً لقول الله تعالى: 
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي} صدق الله العظيم [البقرة:186].

وإذا فعلتَ ودعوت عليهم أن يهلكهم الله بعذابٍ من عنده فأنت تعتبر فشلتَ في تحقيق هدفك السّامي العظيم وجلبت إلى نفس ربّك الحُزن والأسف على عباده الذين كذّبوا بالحقّ من ربّهم وظلموا أنفسهم
، وما من أمّة دعى عليهم رُسلُ ربّهم أو الصالحون من أتباعهم ثمّ أهلكهم الله. تصديقاً لوعده لرسله وللذين آمنوا إلا وتحسّر عليهم من بعد أن يجيب دعوة الداعي. تصديقاً لقول الله تعالى: 
{إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَ‌ةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّ‌سُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَ‌وْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُ‌ونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْ‌جِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُ‌ونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].

ويا أنصار المهديّ المنتظر، لقد جعلكم الله رحمةً للعالمين فإن كنتم أنصار المهديّ المنتظر فاعلموا أنّ الإمام المهديّ لا ينام و في قلبه مثقال ذرةً على أحدٍ من المُسلمين، ولا أنام إلا وقد عفوتُ عمّن ظلمني أو أساءَ إليَّ في هذه الحياة من المُسلمين أو الكافرين الذين لا يعلمون، فاصبروا على تحقيق هذا الهدف العظيم مهما وجدتم من الأذى من المُسلمين والكافرين، فاصبروا واغفروا لهم إساءتهم إليكم فإن ذلك لمن عزم الأمور. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} صدق الله العظيم [الشورى:43].

ويا أحبتي الأنصار السّابقين الأخيار، فهل تعلمون لماذا اتّخذ الله إبراهيم خليلاً؟ وذلك بسبب قوله عليه الصلاة والسلام وآله الأطهار؛ قال الله تعالى:
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَ‌اهِيمُ رَ‌بِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴿٣٥﴾ رَ‌بِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرً‌ا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ‌ رَّ‌حِيمٌ ﴿٣٦﴾} صدق الله العظيم [إبراهيم].

فانظروا إلى قول إبراهيم الحليم: 
{فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، فلم تجدونه يقول: "اللهم فأهلكه وأصبه بعذابٍ من عندك أو بأيدينا"؛ بل قال إبراهيم الحليم: {فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، وهل تدرون لماذا؟ وذلك لأنّ لرسول الله إبراهيم هدفٌ عظيمٌ يريدُ أن يهدي الأمّة رحمةً بهم وحسرةً عليهم، ولكنّه دعا على القوم نبيُّ الله لوط -عليه الصلاة والسلام- فمرّ رُسل البلاغ بالتدمير على رسول الله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- لكي يُخبروه في طريقهم أنّ الله سوف يَهَبُ له غلاماً عليماً حتى إذا سألهم عن أخبارهم. قال تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالحقّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (55) قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (5 ) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)} صدق الله العظيم [الحجر].

ولكنّ خليل الله إبراهيم لا يزال مُصرّاً على تحقيق هدفه السّامي العظيم في هدي الأمّة وإنقاذهم من عذاب الله، ولذلك تجدونه يجادل رسل ربّ العالمين في قوم لوطٍ وطلب من الملائكة -رُسل الرحمن المبلغين بالتدمير- مهلةً من الوقت، ويريد أن ينقذهم أجمعين فيدعوهم الليل والنّهار حتى يهتدوا. قال الله تعالى: 
{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَ‌اهِيمَ الرَّ‌وْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَ‌ىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴿٧٤﴾ إِنَّ إِبْرَ‌اهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ﴿٧٥﴾} صدق الله العظيم [هود].

فانظروا أحبتي الأنصار إلى ثناء الله على نبيّه إبراهيم عليه الصلاة والسلام. قال تعالى: 
{يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴿٧٤﴾ إِنَّ إِبْرَ‌اهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ﴿٧٥﴾} صدق الله العظيم، ولكن رُسل ربّ العالمين من الملائكة المُكرمين قالوا: { يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ ربّك وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } صدق الله العظيم [هود:76].

ولذلك اتّخذ الله إبراهيم خليلاً بسبب حلمه على عباده. قال الله تعالى: 
{وَاتّخذ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} صدق الله العظيم [النساء:125]، بسبب قوله في الدُعاء إلى ربّه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَ‌اهِيمُ رَ‌بِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴿٣٥﴾ رَ‌بِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرً‌ا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ‌ رَّ‌حِيمٌ ﴿٣٦﴾} صدق الله العظيم [إبراهيم].

ولكن خليل الله إبراهيم لم يُكتب له الله تحقيق هدفه العظيم فيهدي الله به الأمّة جميعاً فيجعلهم أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ جميعاً كونه ليس بأرحم من الله على عباده؛ بل حسرة الله على عباده هي أعظمُ من حسرة خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وأعظمُ من حسرة خاتم الأنبياء والمُرسلين صلّى الله عليه وعلى آله وسلم، وأمّا الإمام المهديّ فلا يكاد أن يذهبُ نفسه حسرات على العباد شيئاً لكوني نظرت إلى مدى عظيم حسرة جدّي محمد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلم- على عباد الله لدرجة أنه كاد أن يذهب نفسه حسراتٍ عليهم. لذلك قال الله تعالى: 
{فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} صدق الله العظيم [فاطر:8].

بل أسف محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلم - كان على العباد أسفاً عظيماً في قلبه. ولذلك قال الله تعالى: 
{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} صدق الله العظيم [الكهف:6].

ومن ثمّ تفكّر المهديّ المنتظر وقال: إذا كان هذا حال قلب عبدٍ رؤوفٍ رحيمٍ بالعباد فكيف حال الله أرحم الراحمين؟ وهذا كان مُجرد تفكيرٍ منطقيٍّ ليس إلا بادئ الأمر، فقلت: إذاً لا بدّ أنّ الله هو أعظمُ حسرةً وأسفاً على عباده من خليل الله إبراهيم ومن محمدٍ رسول الله -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم-
لكون الرحمة في نفس الله لهي أشدُّ رحمة بفارقٍ عظيمٍ، فقلت إذاً فلا بُدّ أنّ الله هو أعظم حسرة وأسفاً على عباده فذلك ما يقوله العقل والمنطق لكون الله هو أرحم الراحمين. ولكن الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً، ومن ثمّ أراني الله الحقّ في محكم كتابه أنّه دائمُ الحسرة على عباده منذ أن أرسل أوّل رسولٍ إلى عباده من الجنّ والإنس فكذبوا رُسلَ ربِّهم فدعا عليهم الرسل، فاستجاب الله لهم فأهلك عدوّهم، ومن ثمّ تحسَّر على عباده من ذلك الحين منذ الأزل القديم لعصر الجنّ والإنس، فإذاً 
الفتوى عن تحسر الله على عباده الكافرين قد جعله الله في أشدّ آيات الكتاب إحكاماً وبياناً: {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَ‌ةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّ‌سُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَ‌وْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُ‌ونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْ‌جِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُ‌ونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].

ومن ثمّ أطرقتُ ملياً وانفجرت باكياً بين يدي الله بكاءً مريراً وقلت: يارب، لمَ خلقتني يا إلهي؟ فهل لكي آكل الأعناب والفواكه وأستمتع بالحور العين وأشرب من نهر العسل المُصفّى والخمر واللبن وأسكن في القصور الفاخرات في جنّات النّعيم؟ فهل هذا هو الهدف من خلقنا حتى نتخذ رضوانك وسيلةً لتحقيق ذلك؟ هيهات هيهات وتالله ما هذا بإنصاف الربّ حقّه، فكيف يكون الحبيب سعيداً ما لم يكن أحبّ شيء إلى نفسه سعيداً وفرحاً مسروراً! فكيف نكون سُعداء في جنّة النّعيم وحبيبنا الله أرحم الراحمين حزين ومُتحسر على عباده؛ بل منذ آلاف السّنين وهو حزينٌ ومُتحسرٌ على عباده، وهذه فتوى الله عن حسرته على عباده من الجنّ والإنس منذ الأزل القديم: 
{إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَ‌ةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّ‌سُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَ‌وْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُ‌ونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْ‌جِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُ‌ونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].
فوالله الذي لا إله غيره وكأنّي أرى دموع أحباب الله تسيل على خدودهم فحرّموا الجنّة على أنفسهم حتى يحقق الله لهم النّعيم الأعظم منها فيكون الله سعيداً فرحاً مسروراً بتوبة عباده أجمعين، ثم يجعلوا هدفهم في هذه الحياة هو أن يجعلوا النّاس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ حتى يتحقق رضوان الله في نفسه لكونهم لا يتخذون رضوان الله وسيلة لتحقيق الجنّة؛ بل اتّخذوا رضوان الله غاية، ولن يرضوا إلا بتحقيق غايتهم. أولئك من أكرم أحباب الرحمن في محكم القرآن، ألا والله الذي لا إله غيره إنكم لتجدونهم يرفضون سلعة ربّهم المعروضة عليهم في قول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجنّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التّوراة وَالإِنجِيلِ وَالْقرآن وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} صدق الله العظيم [التوبة:111].

فانظروا لقول الله تعالى: 
{فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ}، ويقصد فأبشروا بالجنّة، وأوفاهم بالثمن فور استشهادهم في سبيل الله، ولذلك تجدونهم رضوا بها وفرحوا بها كونهم اتّخذوا رضوان الله وسيلةً لتحقيق ذلك، وذلك مبلغهم من العلم. قال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بل أَحْيَاءٌ عِنْدَ ربّهم يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)} صدق الله العظيم [آل عمران].ولكن من هم أشدُّ حُباً لله في الكتاب في عصر بعث المهديّ المنتظر لن يرضوا بذلك أبداً حتى يُحقق الله لهم النّعيم الأعظم من جنّة النّعيم، وسوف يجاهدون في سبيل الله بالدّعوة إليه على بصيرةٍ من ربّهم ولن تجدوا البيع والشراء بينهم وبين ربّهم، فهل يكون بيعٌ وشراءٌ بين الحبيب وحبيبه؟ بل الحُبّ أكبر في قلوبهم لربّهم أولئك هم أنصار المهديّ المنتظر في الكتاب الذي وعد الله بهم في محكم كتابه في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}صدق الله العظيم [المائدة:54].

أولئك هم من أعظمِ درجات أحباب الربّ من بين العبيد، وهم أشدُّ حباً لله، ولذلك لن يرضيهم ربّهم بنعيم جنّته ويقولون لربّهم: "وكيف يسعدُ الحبيب وحبيبه ليس بسعيدٍ ومُتحسرٌ في نفسه؟ بل نُريدُ تحقيق النّعيم الأعظم من جنّتك يا أرحم الراحمين". وعلى ذلك تستمر حياتهم وعلى ذلك يموتون وعلى ذلك يبعثون، ولن ترضى أنفسهم أبداً أبداً حتى يحقق الله لهم النّعيم الأعظم من ملكوت الدُنيا والآخرة فيرضى في نفسه ثمّ يإذن الله لعباده الذين تحسّر عليهم من قبل أن يدخلوا جنّته حين يذهب الفزع عن قلوب الأمم بالمفاجأة الكُبرى حين يسمعوا ربّهم قد أذِن لهم أن يدخلوا جنته، فيتفاجأ الأمم جميعاً ويقولوا لأحباب الرحمن في محكم القرآن: 
{قَالُوا مَاذَا قَالَ ربّكم قَالُوا الحقّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} صدق الله العظيم [سبأ:23].وهُنا تحقق النّعيم الأعظم.


وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخو البشر في الدّم من حواء وآدم عبد النّعيم الأعظم؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــــــ 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق